يمنات
من الخطأ القول بفشل ثورة 2011 بالنظر إلى سيطرة جماعة ما عليها، أو بقاء “صالح”، أو بعض رموز نظامه، أو فشل حكومة الوفاق.
نجاح الثورات لا يُقاس بالنتائج ذات الثمار السريعة، بل بالنظر إلى قدرتها على مباغتة الماضي، وخلخلته. بعدها، يحتاج المجتمع لإنضاج الشروط للمضي بثورته ومراقبة مسارها، عبر تصحيحها، أو القيام بثورة جديدة.
ما يحدث اليوم في “حاشد” يأتي ضمن سياق التغيرات التي أحدثتها ثورة 2011، إذ لو لم تكن هذه الثورة قد حدثت لما كانت القوى القبلية، التي ظلت شريكة ل”صالح” في نهب البلاد وتدميره طوال العقود الماضية، تقف اليوم على كرسي الاحتضار.
رحيل “صالح” من السلطة جعل القوى القبلية، ممثلة بأولاد الأحمر، يواجهون جماعة الحوثي بمفردهم. واليوم يدرك أولاد الأحمر أنفسهم أنه لو كان “صالح” مازال في موقعه لكان دفع بالجيش في معركة للدفاع عن سلطة القبيلة في “حاشد”.
لم يكن هذا هو مسار الثورة الطبيعي، إلا أن الانحراف الذي جرى لمسارها جعلها تستكمل دورتها ضمن صراع بين مراكز القوى الصاعدة والآفلة، التي كانت تظن أنها قفزت من السفينة وجعلت “صالح” يغرق بمفرده مع عائلته. وستستكمل الثورة دورتها المشوهة هذه عبر تكسير بقية أبطال “العهد القديم”؛ شركاء “صالح” في الحكم، ورفاقه في الفيد والنهب.
انتعاش الحوثي يأتي كارتداد لضعف مراكز القوى السابقة، وجراء غياب “صالح”، الذي كان يدفع الدولة تحو تمثيل مصالح مراكز القوى هذه، والدفاع عنها.